الشعر
أَهيم بقولِ الشعــرِ إن همّـني الهــمُّ فأُصغي لـما يُملي على خاطـري النّظـمُ
فما الشعرُ إلا بعضُ إحســاسِ شاعــرٍ وما النظــمُ إلاّ . . مـا يهذّبـه الحِلمُ
فإن قلتُ شِعراً كان بعضَ مشاعــري وإن لـم أقــلْ فالحِلمُ كان لـه الحُكـمُ
وما ميّزَ الأشعارَ إلا بحـورُهـــــا وإلا فـذاكَ الشعـرُ ليسَ لــه طَـعــمُ
فهذي بحورُ الشعرِ يَعـــزِفُ مـوجُهـا فيَرقُصُ في الأسيافِ من وقعِها الصُّــمُّ
فإن لم يكنْ في الشعرِ صِــدقٌ وحكمـةٌ ودرُّ بحورٍ فـــي لآلئهــــا نَغْـمُ
فما خـلّــدَ التاريـخُ أشعـــارَ أمّتي ولا خلّــد التاريــخَ ديوانُها الجــمُّ
فإن غـــزَلاً قد صُغتُ فالكتمُ واجــبٌ ومن يَعشَقِ الحسناءَ هان له الكتـــمُ
ولستُ أُجيــدُ المـدحَ إلاّ لخالــــقٍ لأن مديـحَ الشعرِ قد شابَــه رَطْــمُ(1)
ولكنني أرثي فـقيــداً وغــالياً إذا حُمَّ أمرُ اللهِ واستـــفحل الغَمُّ
ولم أنتهج فخـراً، فإنْ كان قد بدا فقد صاغَه حِـــلمٌ وأكّده عِــلمُ
ولم أفتــخرْ إلا بقومـي وأمَّـتي وما فخرُنا يا قــومُ مينٌ ولا زعمُ
وكم قيلَ لــي أهجـو وما كنتُ هاجياً وإن سبَّنـي خصــمٌ وجادلني قــزْمُ(2)
فإن لامني الجُـــهَّالُ فيما أقولُهُ سكتُّ، فهــجوي الجاهلينَ هو الظلمُ
فللّهِ درّي كيــف أصــفحُ قادراً؟ فإن همّتِ الأبياتُ ألجــمها الحِلمُ
ولو شِئتُ أن أهجو لما نـام ظالمـــي ولا سارَ في سوقٍ وفي وجههِ خشــمُ
لذلك لا أهجو ولــو سـاءَ ظالمـــي وحسبُ غريمي أن أقولَ: أنا الشهـــمُ
15 فبراير 1992
الشرح:
(1) رطم: غمس في الوحل.
(2) قزْم: رجل ذو لؤم ودناءة.